الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: - "يمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها"، قلت: رواه مسلم في "صحيحه" من حديث شريح بن هانئ، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فاسأله، فإنه كان يسافر مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فسألناه، فقال: جعل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ثلاثة أيام ولياليهنّ للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم، انتهى. قال في "الإِمام" ورواه أبان بن تغلب عن صلة بن زفر عن شتير بن شكل عن علي بن أبي طالب مرفوعًا "المسافر يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم يومًا وليلة"، انتهى. رواه أبو العباس العصمي في "الجزء الذي خرجه له أبو الفضل الجارودي"، انتهى. وقد تقدم في "التوقيت" أحاديث كثيرة: منها حديث عمرو، رواه ابن خزيمة في "صحيحه" بلفظ رخص لنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في المسح على الخفين، المسافر إلى آخره، قال الشيخ: وهذا اللفظ فيه دليل على أن المسح رخصة، خلافًا لمن قال: المسح أفضل، قلت: والرخصة موجودة في غير هذا من الأحاديث، كما هو عند البزار. وصفوان. وحديث أبي بكرة. أحاديث عدم التوقيت، حديث خزيمة أخرجه أبو داود. والترمذي. وابن ماجه عن أبي عبد اللّه الجدلي عن خزيمة بن ثابت، قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "المسح على الخفين، للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة"، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، زاد أبو داود في "رواية": ولو استزدناه لزادنا، وابن ماجه في "رواية" [وابن شيبة: ص 119] ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسًا، انتهى. قال البيهقي في "المعرفة": قال الشافعي: معنى قوله: "لو استزدناه" أي لو سألناه أكثر من ذلك لأجاب، وهذا يعكر عليه رواية ابن ماجه، "لجعلها خمسًا"، قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": وحديث خزيمة فيه ثلاث علل: الأولى الاختلاف في إسناده، وله ثلاث مخارج: رواية إبراهيم النخعي. ورواية إبراهيم التيمي. ورواية الشيمي، ثم في بعضها ذكر الزيادة أعني "لو استزدناه لزادنا" وبعضها ليست فيه، فأما رواية النخعي فإنها عن أبي عبد اللّه الجدلي عن خزيمة، وليس فيها ذكر الزيادة، ولم أقف على اختلاف في هذه الرواية، أعني رواية النخعي، ولها طرق: أشهرها عن حماد عنه، ولها أيضًا عن حماد طرق: ورواه شعبة عن الحكم، وحماد عن إبراهيم، إلا أنها عللت بأن إبراهيم لم يسمعه من أبي عبد اللّه الجدلي، فذكر البيهقي عن أبي عيسى الترمذي أنه قال: سألت محمدًا "يعني البخاري" عن هذا الحديث، فقال: لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح، لأنه لا يعرف لأبي عبد اللّه الجدلي سماع من خزيمة، وكان شعبة يقول: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد اللّه الجدلي حديث المسح على الخفين، وقد استدل على ذلك، برواية زائدة بن قدامة، قال: سمعت منصورًا يقول: كنا في حجرة إبراهيم النخعي، ومعنا إبراهيم التيمي، فذكرنا المسح على الخفين، فقال إبراهيم التيمي: حدثنا عمرو بن ميمون عن أبي عبد اللّه الجدلي عن خزيمة [ههنا انتهى ما استدل به البيهقي في: ص 277 - ج 1] ثم هي على وجهين: أحها: ما فيه الزيادة. والثاني: ما لا زيادة فيه، فأما ما فيه الزيادة، فهي صحيحة عن إبراهيم، مشهورة بهذا الإسناد عن منصور عن إبراهيم، وله طرق عن منصور، وفيها الزيادة، خرجها الطبراني عنه، ومن أصحها روايةً التي قدمناها، وذكرنا أن البيهقي أخرجها بالقصة، ورواها الطبراني من حديث حسين بن علي عن زائدة بالسند من غير قصة ولا زيادة، وكذلك من صحيحها رواية سفيان بن عيينة عن منصور بالسند المذكور، وفيها الزيادة، وأما ما لا زيادة فيه، ففي رواية أبي عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي بالسند عن خزيمة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه سئل عن المسح على الخفين، فقال: للمسافر ثلاثًا: وللمقيم يوم، لم يزد، أخرجه الترمذي، فهذا مشهور، وخالف أبو الأحوص، فرواه عن منصور عن إبراهيم التيمي عن أبي عبد اللّه الجدلي عن خزيمة بن ثابت، فأسقط من الإسناد عمرو بن ميمون، ووجه آخر من المخالفة في حديث التيمي، رواه شعبة [أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ص 278] عن سلمة بن كهيل عن الحارث بن سويد عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت، ليس فيه الزيادة ولا مسح المقيم، فزاد في "السند" الحارث بن سويد التيمي. وعمرو بن ميمون، وأسقط الجدلي، أخرج هذه الرواية كذلك الطبراني. والبيهقي، قال البيهقي: وهو ضعيف. العلة الثانية: الانقطاع، قال البيهقي: قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمدًا "يعني البخاري" عن هذا الحديث، فقال: لا يصح إلى آخر كلام البخاري، وقد تقدم قريبًا. العلة الثالثة: ذكر ابن حزم: [لفظه في "المحلى" ص 89 - ج 2: رواه أبو عبد اللّه الجدلي صاحب دابة الكافر، المختار لا يعتمد على روايته، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة، لأنه ليس فيه أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أباح المسح أكثر من ثلاث، ولكن في "آخر الخبر" من قول الروي: "لو تمادى السائل لزادنا" وهذا ظن لا يحل القطع به في أخبار الناس، فكيف في الدين؟] أن أبا عبد اللّه الجدلي لا يعتمد على روايته، قال الشيخ: وأقول: ذكر الترمذي في "جامعه" بعد إخراجه حديث خزيمة من جهة أبي عوانة بسنده، كما تقدم، قال: وذكر عن يحيى بن معين [وبعض ما في "الترمذي المطبوع" يخالف هذا] أنه صحح حديث خزيمة في المسح، وأبو عبد اللّه الجدلي اسمه: "عبد بن عبد" ويقال: "عبد الرحمن بن عبد"، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح، قاله أبو عيسى في "صحيحه"، ولكن الطريق فيه أن تعلل طرق إبراهيم بالانقطاع، كما تقدم، وطريق الشعبي بالضعف، كما تقدم، ويرجع إلى طريق إبراهيم التيمي، فالروايات متضافرة برواية التيمي له عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة، وأما إسقاط أبي الأحوص لعمرو بن ميمون من الإِسناد، فالحكم لمن زاد، فإنه زيادة عدل، لا سيما، وقد انضم اليه الكثرة من الرواة، واتفاقهم على هذا دون أبي الأحوص، وأما زيادة سلمة الحارث بن سويد، وإسقاط الجدلي، فيقال في إسقاط الجدلي ما قيل في إسقاط أبي الأحوص له، وأما زيادة الحارث بن سويد فمقتضى المشهور من أفعال المحدثين، والأكثر أن يحكم بها، ويجعل منقطعًا فيما بين إبراهيم. وعمرو بن ميمون، لأن الظاهر أن الإنسان لا يروي حديثًا عن رجل عن ثالث، وقد رواه هو عن ذلك الثالث لقدرته على إسقاط الواسطة، لكن إذا عارض هذا الظاهر دليل أقوى منه عمل به، كما فعل في أحاديث حكم فيها بأن الراوي علا ونزل في الحديث الواحد، فرواه على الوجهين، وفي هذا الحديث قد ذكرنا زيادة زائدة، وقصة في الحكاية، وأن إبراهيم التيمي، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، فصرح بالتحديث، فمقتضى هذا التصريح لقائل أن يقول: لعلّ إبراهيم سمعه من عمرو بن ميمون. ومن الحارث بن سويد عنه، ووجه آخر على طريقة الفقه، وهو أن يقال: إن كان متصلًا فيما بين التيمي. وعمرو بن ميمون فذاك، وإن كان منقطعًا فقد تبين أن الواسطة بينهما الحارث بن سويد، وهو من أكابر الثقات، قال ابن معين: ثقة، ما بالكوفة أجود إسنادًا منه، وقال أحمد بن حنبل: مثل هذا يسأل عنه لجلالته ورفعة منزلته، وأخرج له الشيخان في "الصحيحين". وبقية الجماعة، وأما قول البخاري: إنه لا يعرف لأبي عبد اللّه الجدلي سماع من عمر، فلعلّ هذا بناءًا على ما حكى عن بعضهم أنه يشترط في الاتصال أن يثبت سماع الراوي من المروى عنه، ولو مرة، هذا أو معناه، وقيل: إنه مذهب البخاري، وقد أطنب مسلم في الرد لهذه المقالة، واكتفى بإمكان اللقاء، وذكر له شواهد، وأما ما ذكره ابن حزم: أن أبا عبد اللّه الجدلي لا يعتمد على روايته، فلم يقدح فيه أحد من المتقدمين، ولا قال فيه ما قال ابن حزم، ووثقه أحمد بن حنبل. ويحيى بن معين، "وهماهما" وصحح الترمذي حديثه، انتهى كلامه. - حديث آخر، رواه أبو داود [وابن أبي شيبة: ص 119] وابن ماجه في "سننهما"، فرواه أبو داود من حديث عمرو بن الربيع بن طارق عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن أبيّ بن عمارة رضي اللّه عنه، قال: يا رسول اللّه أمَسحُ على الخفين؟ قال: "نعم، قال: يومًا: قال: ويومين، قال: وثلاثة؟ قال: نعم، ما شئت"، وفي رواية: "حتى بلغ سبعًا" فقال عليه السلام: "نعم وما بدا لك"، انتهى. قال أبو داود: ورواه [رواية "حتى بلغ سبعًا". ] ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسَيًّ عن أبيّ، قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده، وليس بالقوي، انتهى كلامه. ورواه ابن ماجه من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نُسَيًّ عن أبيّ بنحوه، قال ابن عساكر في "الأطراف": ورواه يحيى بن إسحاق السالحيني عن يحيى بن أيوب، مثل رواية عمرو بن الربيع، ورواه سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب، مثل رواية ابن وهب، ورواه إسحاق بن العراب عن يحيى بن أيوب عن وهب بن قطن عن أبيّ، انتهى كلامه. ورواه الحاكم في "المستدرك" وقال: إسناده مصري، ولم ينسب واحد منهم إلى جرح، وأبيّ بن عمارة: صحابي مشهور، ولم يخرجاه، انتهى. ورواه الدارقطني في "سننه" بسند أبي داود [لو قال: بسند الطحاوي لكان أصح، لأن في إسناد الدارقطني زيادة ليست في أبي داود]، وقال: هذا إسناد لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب [قال ابن حزم في "المحلى" ص 90 - ج 2: مجهول] اختلافًا كثيرًا، وعبد الرحمن. ومحمد بن يزيد. وأيوب بن قطن مجهولون، انتهى كلامه وقال ابن القطان في "كتابه": محمد بن يزيد هو "ابن أبي زياد" صاحب حديث الصور، قال فيه أبو حاتم: مجهول، ويحيى بن أيوب مختلف به، وهو ممن عيب على مسلم إخراج حديثه، قال: والاختلاف الذي أشار إليه أبو داود. والدارقطني هو: أن يحيى بن أيوب [حديثه عند الطحاوي في "شرح الآثار" ص 48، وأبو داود: ص 24] رواه عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن عبادة بن نُسَيًّ عن أبيّ بن عمارة، فهذا قول ثانٍ، ويروى عنه [حديثه عند ابن ماجه في "سننه" ص 42، والطحاوي: في "شرح الآثار" ص 48، والدارقطني: ص 27.] عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسَيّ عن أبيّ بن عمارة، فهذا قول ثالث، ويروى عنه كذلك مرسلًا لا يذكر فيه أبيّ بن عمارة، فهذا قول رابع، انتهى كلامه. وقال الشيخ تقي الدين في "الإمام": قال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث أبي بن عمارة ليس بمعروف الإسناد فقلت له: فإِلى أي شيء ذهب أهل المدينة في المسح أكثر من ثلاث، ويوم وليلة؟ قال: لهم فيه أثر، قال الشيخ: وهذا الأثر الذي أشار إليه أحمد، الأقرب أنه أراد الرواية [رواه الدارقطني في "سننه" ص 72، والبيهقي: ص 280، وقال ابن حزم في "المحلى" ص 93 - ج 2: لا يصح خلاف التوقيت عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر فقط، اهـ.] عن ابن عمر، فإنه صحيح عنه من رواية عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يوقت في المسح على الخفين وقتًا، ويحتمل أن يريد غير ذلك من الآثار: منها رواية حماد بن يزيد عن كثير بن شنظير [كثير من شنظير" روى له البخاري. ومسلم، فيه بعض ضعف، قال الحافظ: صدوق يخطئ.] عن الحسن، قال: سافرنا مع أصحاب رسول اللّه وكانوا يمسحون خفافهم بغير وقت ولا عدد، رواه ابن الجهم في "كتابه"، وعلله ابن حزم [في "المحلى" ص 92 - ج 2.] فقال: وكثير بن شنظير: ضعيف جدًا، قال الشيخ: وقد اختلف الرواية فيه عن يحيى بن معين، ففي رواية عباس عن يحيى ليس بشيء، وقال عثمان بن سعيد الدارمي، فيما رواه ابن عدي: سألت يحيى عن كثير بن شنظير، فقال: ثقة، وروى ابن الجهم في "كتابه" بسنده إلى سعد بن أبي وقاص أنه خرج من الخلاء فتوضأ ومسح على خفيه، فقلت له: تمسح عليهما وقد خرجت من الخلاء؟! قال: نعم، إذا أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما ولا تخلعهما إلا لجنابة، وروي بسنده أيضًا عن الحسن أنه كان يقول في المسح على الخفين: يمسح عليهما ولا يجعل لذلك وقتًا إلا من جنابة، ويسنده إلى عروة أنه كان لا يوقت في المسح، انتهى كلامه. - حديث آخر: أخرجه الحاكم في "مستدركه [في "باب أحكام التيمم" ص 181 والدارقطني في "سننه" ص 75 عن عبد الغفار بن داود به]" عن عبد الغفار بن داود الحراني ثنا حماد بن سلمة عن عبد اللّه بن أبي بكر. وثابت عن أنس أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه، فليصل فيهما، وليمسح عليهما ثم لا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة، انتهى. قال الحاكم: إسناده صحيح على شرط مسلم، ورواته عن آخرهم ثقات، انتهى. وأخرجه الدارقطني في "سننه" عن أسد بن موسى ثنا حماد بن سلمة به، قال صاحب "التنقيح": إسناده قوي، وأسد ابن موسى صدوق، وثقه النسائي. وغيره. انتهى. ولم يعله ابن الجوزي في "التحقيق" بشيء، وإنما قال: هو محمول على مدة الثلاث، قال الشيخ في "الإمام" قال ابن حزم: [في "المحلى" ص 90 - ج 2، قال الحافظ في "الدراية": أخطأ ابن حزم، فإن أسدًا لم يتفرد به، اهـ.] هذا ممن انفرد به أسد بن موسى عن حماد، وأسد منكر الحديث لا يحتج به، قال الشيخ: وهذا مدخول من وجهين: أحدهما: عدم تفرد أسد به، كما أخرجه الحاكم عن عبد الغفار ثنا حماد. الثاني: أن أسدًا ثقة، ولم ير في شيء من كتب الضعفاء له ذكر، وقد شرط ابن عدي أن يذكر في "كتابه" كل من تكلم فيه، وذكر فيه جماعة من الأكابر والحفاظ، ولم يذكر أسدًا، وهذا يقتضي توثيقه، ونقل ابن القطان توثيقه عن البزار، وعن أبي الحسن الكوفي، ولعلَّ ابن حزم وقف على قول ابن يونس في " تاريخ الغرباء" أسد بن موسى حدّث بأحاديث منكرة، وكان ثقة، وأحسب الآفة من غيره، فإن كان أخذ كلامه من هذا فليس بجيد، لأن من يقال فيه: منكر الحديث ليس كمن يقال فيه: روى أحاديث منكرة، لأن منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه، والعبارة الأخرى تقتضي أنه وقع له في حين لا دائمًا، وقد قال أحمد بن حنبل في "محمد بن إبراهيم التيمي": يروي أحاديث منكرة، وقد اتفق عليه البخاري. ومسلم، وإليه المرجع في حديث: "وإنما الأعمال بالنيات"، وكذلك في" زيد بن أبي أنيسة": في بعض أحاديثه إنكاره، وهو ممن احتج به البخاري. ومسلم، وهما العمدة في ذلك، وقد حكم ابن يونس بأنه ثقة، وكيف يكون ثقة وهو لا يحتج بحديثه؟، انتهى. (يتبع...) (تابع... 1): - الحديث الأول: قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ:... ... - حديث آخر، أخرجه الحاكم في" المستدرك [في"باب أحكام التيمم" ص 180 - ج 1، والطحاوي في" شرح الآثار" ص 48]" أيضًا عن بشر بن بكر عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قدم على عمر بفتح دمشق، قال: وعليِّ خفان، فقال لي عمر: كم لك يا عقبة منذ لم تنزع خفيك؟، فذكرت منذ يوم الجمعة منذ ثمانية أيام، فقال: أحسنت، وأصبت السنة، انتهى. قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ورواه الدارقطني في "السنن" وقال: صحيح الإسناد، وفي" الإمام" وأخرجه النسائي، ولم أجده في "أطراف ابن عساكر"، ثم رواه [أي الدارقطني في سننه ص 73] من حديث يزيد بن حبيب: حدثني عبد اللّه بن الحكم عن علي بن رباح أن عقبة بن عامر حدثه أنه قدم على عمر فذكره، وسكت عنه، وذكر الدارقطني في" كتاب العلل" أن عمرو بن الحارث. [رواية عمرو بن الحارث.وليث بن سعد، وابن لهيعة عند الطحاوي، ص 48، وفيه قال: أصبت، ولم يقل: السنة، اهـ.] ويحيى بن أيوب. والليث بن سعد رووه عن يزيد، فقالوا فيه: أصبت ولم يقولوا: السنة، وهو المحفوظ، قال: ورواه جرير[رواية جرير عند الدارقطني: ص 73.] بن حازم عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن عقبة، وأسقط من الإسناد عبد اللّه بن الحكم البلوي، وقال فيه: أصبت السنة، كما قال ابن لهيعة. والمفضل، انتهى كلامه. - حديث آخر، رواه الدارقطني من جهة أحمد بن حنبل [في" مسنده" ص 333 - ج 6، وقال العيني في" البناية" إسناده صحيح.] ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عمر بن إسحاق بن يسار "أخو محمد بن إسحاق" قال: قرأت كتابًا لعطاء بن يسار، مع عطاء بن يسار، قال: سألت ميمونة زوج النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن المسح، فقالت: قلت: يا رسول اللّه كل ساعة يمسح الإنسان على الخفين ولا يخلعهما؟ قال: "نعم". انتهى. ولم يعله في" الإمام". - الحديث الثاني: روى المغيرة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - وضع يديه على خفيه ومدهما من الأصابع إلى أعلاهما مسحة واحدة، وكأني أنظر إلى أثر المسح على خف رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خطوطًا بالأصابع قلت: غريب، ويقرب منه ما رواه ابن أبي شيبة "في مصنفه" [قال الحافظ في "الدراية" ص 42: بإسناد منقطع.] حدثنا الحنفي عن أبي عامر الخزاز ثنا الحسن عن المغيرة بن شعبة، قال: رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بال، ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى أنظر إلى أصابع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على الخفين، انتهى. قال في "الإمام": ورواه أبو أسامة عن أشعث عن الحسن به، ولم يعزه [قلت: روى البيهقي: ص 292 من جهة ابن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن الأشعث عن الحسن عن المغيرة به.]. - حديث آخر يقرب منه، رواه ابن ماجه في "سننه" [ص 41 بإسناد ضعيف، "دراية".] من حديث بقية عن جرير بن يزيد حدثني منذر عن محمد بن المنكدر عن جابر، قال: مر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ برجل يتوضأ، ويغسل خفيه، فقال: بيده كأنه دفعه "إنما أمرت بالمسح"، وقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بيده هكذا: "من أطراف الأصابع إلى أصل الساق" وخطط بالأصابع، انتهى. قال صاحب "التنقيح": وجرير هذا ليس بمشهور، ولم يرو عنه بقية، ومنذر هذا كأنه ابن زياد الطائي، وقد كذبه الفلاس، وقال الدارقطني: متروك، ولم يخرج ابن ماجه لجرير، ومنذر غير هذا الحديث، انتهى كلامه. وهذا الحديث مما استدركه شيخنا أبو الحجاج المزي على ابن عساكر، إذ لم يذكره في "أطرافه" وكأنه ليس في بعض نسخ ابن ماجه، وأنا وجدته في نسخة ولم أجده في أخرى، واللّه أعلم. - حديث آخر أخرجه الطبراني في "معجمه الوسط" عن بقية عن جرير بن يزيد الحميري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه، قال: مر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ برجل يتوضأ، وهو يغسل خفيه، فنخسه بيده، وقال إنما أمرنا بالمسح هكذا، وأراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة، وفرج بين أصابعه، انتهى. قال: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية. - حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود [في "باب كيف المسح" ص 24.] عن عبد خير عن عليٍّ قال: لو كان الدِّين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح عن أعلاه، وقد رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يمسح على ظاهر خفيه، انتهى. قال البيهقي: والمرجع فيه إلى عبد خير، وهو لم يحتج به صاحب "التنقيح". - حديث آخر، روى ابن أبي شيبة في "مسنده" حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه عن عمر أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان، انتهى. ورواه الدارقطني بلفظ: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام وليالهن، وللمقيم يومًا وليلة، انتهى. لم يذكر الطهارة، قال في "الإمام": ووراه الفقيه أبو بكر بن الجهم المالكي في "كتابه" فقال: على الخفين، لم يذكر الطهر،، قال: وخالد بن أبي بكر [قال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال البخاري: له مناكير ص 12 هامش "دارقطني" ص 72.] هذا هو، "ابن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر"، انتهى كلامه. وأما حديث الوليد بن مسلم [حديث الوليد بن مسلم عن ثور به، قال ابن أبي حاتم في "علله" ص 54 - ج 1 عن أبيه ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح، اهـ] أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة، قال: وضأت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، فمسح أعلا الخف وأسفله، انتهى. فأخرجه أبو داود. والترمذي، وابن ماجه، وهو ضعيف، قال أبو داود: بلغني أن ثورًا لم يسمعه من رجاء، وقال الترمذي: حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد، وسألت محمدًا. وأبا زرعة عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح، لأن ابن المبارك رواه عن ثور عن رجاء قال: حدثت، عن كاتب المغيرة [ولم يذكر فيه المغيرة "ترمذي".] عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسل، وقال الدارقطني في "العلل": هذا حديث لا يثبت، لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلًا، انتهى. قال الشيخ في "الإمام" وهذا الذي أشاروا إليه ذكره الأثرم عن أحمد بن حنبل، فقال: سمعت أحمد بن حنبل يضعف هذا الحديث، ويذكر أنه ذكره لعبد الرحمن بن مهدي، فذكر عن ابن المبارك عن ثور، قال: حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فأفسده من وجهه حين قال: حدثت عن رجاء، وحين أرسل، فلم يسنده، قال الشيخ: وقد روى الدارقطني هذا الحديث، فقال فيه: حدثنا رجاء [تمامه عن كاتب المغيرة عن المغيرة، قال: وضأت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في غزوة تبوك، فمسح أعلى الخف وأسفله، اهـ ثم قال: رواه ابن المبارك عن ثور، قال: حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، ليس فيه المغيرة، اهـ.] فاللّه أعلم، انتهى. - الحديث الثالث: روى صفوان بن عسال، قال: - كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها إلا عن جنابة، ولكن من بول أو غائط. أو نوم، قلت: رواه الترمذي. والنسائي. وابن ماجه من حديث عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان، وهو بكماله يتضمن قصة المسح. والعلم. والتوبة. والهوى. أما الترمذي. فرواه [ص 192 - ج 2.] في "كتاب الدعوات" في "باب التوبة والاستغفار" من حديث سفيان. وحماد بن زيد، كلاهما عن عاصم عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفين، فقال: ما جاء بك يا زر؟ فقلت: ابتغاء العلم، فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاءًا بما يطلب، قلت: إنه حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط. والبول. وكنت امرءًا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فجئتك أسألك، هل سمعته يذكر في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرًا - أو مسافرين - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا عن جنابة، لكن من غائط. وبول. ونوم. قال: فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئًا؟ قال: نعم، كنا مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، في بعض أسفاره فناداه رجل: يا محمد يا محمد، فقلنا له: ويحك اغضض من صوتك، فإنك عند النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، فأجابه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، على نحو من صوته: "هاؤم"، فقال: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ":المرء مع من أحب" قال: فما برح يحدثني أن اللّه جعل بالمغرب بابًا عرضه مسيرة سبعين عامًا للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله، وذلك قوله تعالى:
|